كطفل صغير يشير بكفه ملوحا لكل غريب يفترض فيه أن يكون رفيق لعب محتمل.
كسيدة حكيمة تبلغ التسعين، لم يعد لديها ما تخسره، حتى حياتها، فلقد تقبلت كل الخسارات السابقة، وتجاوزت كل ما صاحبها من ألم وفقد ووحدة وارتباك.
كرجل جعله فضوله يعاشر مئات النساء، بل أنه حتى حين انتهى من الأمر عاشر رجالا، وحين انتهى هذا الفضول، لم يعد ينتظر شيئا، ولم يعد يبحث عن شئ.
كقطة صغيرة تلاعب الهواء ظنا منها أن هناك اشباحا يحيطون بها.
كمراهق كسير وجريح خرج لتوه مبتسما من مشاجرة مع رفاقه الذين يضايقونه باستمرار، شاعرا بخفة أن لا شئ اسوأ من ذلك يمكن حدوثه.
كفتاة صغيرة ساذجة ظنت لتوها أنها رأت حبيب عمرها يمر بالجوار.
كصديقين مقربين ينظران لبعضهما البعض في عزاء صديق آخر نظرة مطمئنة لوجودهما معا في مواجهة هذا الأمر.
كابتسامة محمود صديقي اللا مبالية بما قد تفعله به الحياة، الحياة التي لفظته مبكرا.
كراحة ذلك الرجل الذي خسر كل شئ يملكه في يوم تعس، فأوجد وسط الظلمة شغفا للبدء من جديد.
ككل البدايات الخفيفة، وكل النهايات المؤلمة.
كلحظات الدهشة والانبهار بكل تجربة جديدة.
كهدير الأمواج التي سميت بصوتها، تصعد بعنف مثلما تخفت بعنف أيضا.
كالحياة والموت واليقين بعدم القدرة على السيطرة على أي شئ.
كالهواء الذي يبقينا أحياء.
ككل هؤلاء سأسير في طرقات دون وجهة.
ككل هؤلاء ساسعى للخفة.
Painting by Salvador Dali