كنت قد توقفت لسنوات عن الكتابة قرب عيد ميلادي عما جرى في العام السابق، لكن هذا العام كان عاما استثنائيا وصعبا بكل ما تحمله الكلمتين من معان، صعبا في تطرفه، واستثنائيا في لحظات تحقق طال انتظارها، صعبا في لحظات ألم نفسي وجسدي، واستثنائيا في بدايات جديدة، ونهايات كانت معلقة..
كل القرارات التي اتخذتها هذا العام كانت قرارات صعبة، قررت مرارا بكامل ارادتي، وعلى غير طبيعتي المتسرعة أحيانا، ألا أدخل نفسي في صراعات لا طائل منها، وألا أتحول إلى شخص قاس يملأ قلبه السواد، تعلمت من اصدقاء قريبين جدا إلى قلبي أن اتسامح مع أمور كثيرة، ومع الوقت اصبحت أرى هذه الأمور التي كانت تغضبني في السابق، غير ذات قيمة على الإطلاق، بل في أحيان أجدها مضحكة من شدة تفاهتها..
أنقذني اصدقاء من لحظات غرق في دوامات من الحزن والكآبة دون حتى أن اطلب منهم ذلك، ولازلت أمتلك ميزتي الأفضل على الإطلاق وهي القدرة على البدء من جديد، وجدت قلبي الذي كنت قد أضعته في ركن ما، حين اهدتني الحياة "حبيب من جوة جوة الدواليب" في لحظة يأس وارتباك..
اعتزلت كل ما لم أعد انتمي إليه بكل هدوء، وأصبحت اكثر قدرة على التعرف على مشاعر الغضب والحزن حين اشعر بأي منهما، كما تعلمت أن أفرق بينهما، وأن اتعامل معهما لأمضي قدما بقلب نظيف..
قضيت وقتا طويلا إجباريا مع نفسي، كان منتظرا لسنوات، راجعتها وعنفتها وطمأنتها أيضا أن كل شئ سيمر، وبذلت مجهودا ولازلت أبذله كي احتفظ بعقلي وببعض المنطق في التعامل مع كل الجنون المحيط، واظبت على مراقبة نفسي واصلاح ما أفسده الزمن، نجحت حينا، وأنهارت حينا، لكنني حاولت ولازلت أحاول أن أكون نسخة أفضل من نفسي، واعتبر استمرار المحاولة في حد ذاته انجاز كبير..
تعلمت أن العمر قصير جدا، وعلينا أن نختار بعناية، قدر استطاعتنا، كيف نقضيه، وتعلمت أيضا أن اخفض توقعاتي عموما، حتى لا أشعر بالخذلان، حاولت ايضا أن اربي عادات صحية، كأن امشي أكثر، أتناول طعاما صحيا، استيقظ باكرا، باختصار أقلل أو اتخلص من كل ما قد يسمم الحياة..
تعلمت أن العمر قصير جدا، وعلينا أن نختار بعناية، قدر استطاعتنا، كيف نقضيه، وتعلمت أيضا أن اخفض توقعاتي عموما، حتى لا أشعر بالخذلان، حاولت ايضا أن اربي عادات صحية، كأن امشي أكثر، أتناول طعاما صحيا، استيقظ باكرا، باختصار أقلل أو اتخلص من كل ما قد يسمم الحياة..
اوشك على الإنتهاء من أمور كانت معلقة منذ سنوات كرسالة الماجستير التي ناقشتها وأنا اقف على قدم واحدة لكنني كنت مسنودة بالود والمحبة، وأنهيت صراعات وأوهاما أيضا أخذت سنوات لأنهيهيا وأتجاوزها تماما، وكان إنجازي الأكبر هذا العام أنني انهيه وانا لا أحمل في قلبي أي ضغينة ..
لا أستطع رغم كل الصعاب أن انكر لحظات السعادة المتكررة التي تخللت هذا العام، ففي أحلك الأيام أرسل لي الله علامات كثيرة لطمأنتي أنني لست وحيدة، وأنه لم ينهار كل شئ بعد، وأنني لازلت طالما بي قلب ينبض، قادرة على المحاولة وعلى البدء من جديد، وأنني لازلت محظوظة للغاية ..
أدخل عامي ال 33 بعد اقل من شهر وأنا اشعر ببعض الخفة واللامبالاة وبكثير من الفخر بما حققته وبقدرتي على النجاة، كالعادة لست نادمة على شئ، تخلصت من أعباء كثيرة، مستعدة لما تلقيه الحياة من مفاجآت سارة أو سيئة، قادرة على إعادة ترتيب أولوياتي وفيم أقضي وقتي وطاقتي، أتقبل أكثر من ذي قبل أننا أشخاص معيبون نخطئ ونتعلم ونتغير، وأعلم بشكل أفضل من الأعوام السابقة ما لا أريد، حتى وإن كنت لازلت ارتبك حول ما أريد، والأهم أنني أدخل عامي الجديد قريبا وأنا ممتنة للغاية لكل ما أنعمت به في العام الماضي من لحظات صعبة ولحظات سعادة ومحبة استثنائية..