الجمعة، 2 مايو 2014

صباح ثقيل

كيف تراكم كل هذا الثقل دون ان انتبه؟ أم انني كنت أخدع نفسي، ربما فانا أكثر شخص بالعالم لديه القدرة على مداراة الحزن بضحك هستيري غير مبرر، لا أتعلم قط، فكل ما أفعله كل مرة هو التأجيل والمراكمة، حتى اشعر في لحظة أنني غير قادرة حتى على الوقوف، وهنا ينتهز هذا الثقل الفرصة للهجوم والانتقام، لاثبات وجوده.

لا أعلم فعلا لم اشعر بكل هذا الحزن والثقل، فقدت منذ فترة ليست بقصيرة قدرتي على التمييز بين العام والخاص، ربما يأتيان معا، او ربما يطغى أحدهما على الآخر! اشعر بقبضة في قلبي تنبأني بأن امرا سيئا سيأتي! ولكن الم يأتي الأمر السئ أو بالأحرى أمورا سيئة! هل هذا جزء من لعبة يقوم بها عقلي الباطن للإنكار؟ 

لطالما افتخرت ولازلت أفتخر بانني شخص لا يحب وغير معتاد على الإكتئاب، وأن الاكتئاب دائما ما يمر سريعا خاطفا، لم أعد أدري حتى إن كان هذا صحيحا أم مجرد تصورات خاطئة عن نفسي. أفعل كل الامور الاعتيادية التي تبدو مصدرا للبهجة، كأن اسقي الورد الذي جلبته ليه صديقتي، وكأن أفتح نوافذ المنزل كل صباح ليدخل النور والهواء وونس الشارع والجيران المزعج أحيانا، أتناول وجبة الفطور وقهوتي المحببة إلى قلبي يوميا، وأسعى دائما لفعل أشياء غير اعتيادية كلما تحين الفرصة، أعمل أعمالا أحبها، حتى ثقل الأطعمة الدسمة أتخلص منه بنظام تغذية يساعدني على الشعور بالخفة. من اين ياتي هذا الثقل إذا؟ أتذكر آلاما مر عليها سنوات وكأنها حدثت بالأمس!

ثم ما سر أن كل ما مر من أوجاع تسبب فيها آخرون أو تسبب فيها تأنيب الضمير تصيب الفرد فجأة مع أول شعور بالألم، كيف أشعر الآن بألم لرفضي منذ أشهر إعطاء متسول في مدينة فرانكفورت يورو حين طلب مني مال وكنت أملكه، بالرغم من أني شعرت بشفقة وحزن من أجله، وحين تركني وذهب في السقيع بملابسه الرثة وحذائه المقطوع فكرت أن ألحقه وأعطيه اليورو ولكن عاقني ما أحمله من حقائب السفر الثقيلة!! لم لم أعطيه اليورو اللعين وأنا أدعي أنني أدعم الانسانية !!

هل هذا الثقل هو ذنب أو ذنوب اقترفتها؟ هل هو إدعاءات اقولها عن نفسي ليست حقيقية! أظل افكر في كل فعل كان بإمكاني أن أقوم به لمساعدة شخص ولم أفعل بسبب الكسل أو الأنانية أو عدم الاهتمام، افكر في وجوه كثيرة بائسة لسيدات او رجال عجائز أمر بهم في الطريق وأنا في سيارة أجرة مكيفة، وأفكر لو اقف لهم وأدعوهم للركوب معي بدلا من انتظارهم الطويل للاتوبيس المزدحم الذي لن ياتي! فكرت في ذلك عشرات المرات ولم افعل ذلك ولو مرة واحدة! ولكن إن فعلت هل يأتي هذا الفعل بسبب أنانية أيضا؟ كأن أكون فقط راغبة في اشباع إحساس لدي بفعل الخير او بدعم الانسانية؟ هل سيكون الفعل نفسه إن صدر رغبة مني في الاحساس بالزهو أو إن صدر دون إي حسابات او اشباعات شخصية؟ ماذا عن الأولويات ؟ حين أفضل مصلحتي الشخصية عن العامة فيكون مثلا لعملي أولوية عن مظاهرة في قضية أؤمن بها كالإفراج عن المعتقلين؟ وماذا عن الأشخاص الذين قد آذيتهم بقصد أو بدون قصد؟ هل أجلد نفسي الآن أم احاسبها؟ هل فعلت أكثر مما يفعله الإنسان بتناقضاته وطبيعته البشرية؟ وهل أسعى للكمال والملائكية؟ وهل يمنع احساسي بالذنب هذا أن أكرر الفعل ثانية؟

لكن ماذا عن الشعور بالعجز؟ ماذا ان كنت فعلا عاجزة عن فعل الشئ كأن أعيد شخصا للحياة، أو كأن أمنع سوءا عن أشخاص احبهم أو حتى لا أعرفهم ولكنهم لا يستحقون ما يحدث لهم من سوء؟ هل يكفي الشعور بالتضامن مع صديق مريض أو يمر بازمة أو مع من يقبع في زنزانة مظلمة أو بمن ينتظر حكما للاعدام؟ هل هذا يكفي؟ وهل يمكنني في الأصل أن اشعر بشئ لم أجربه من قبل؟

وماذا عن شعوري بألم قد تسبب فيه آخرون، هل يقصدون ذلك؟ ربما قصدوا وربما لا! هل سبب هذا الوجع فقط توقعاتي الدائمة الأعلى من قدرات المحيطين بي؟ ولكن على الناحية الأخرى، ماذا لو كانوا هم ايضا ينتظرون مني اشياء لا يمكنني فعلها؟ وماذا لو كانوا يتحملون عيوبي التي لا انتبه أنها قد تسبب لهم ألما؟  وهل أنا في الأساس على دراية بتلك العيوب؟ هل أنا على دراية بما حدث لي من تغيرات ربما يكون فيها الايجابي ولكن الأكيد أن بها السلبي أيضا. الأكيد أنني بت أكثر عندا وعصبية وحساسية وطاقتي على التحمل والتسامح قلت كثيرا، هو تقدم السن ربما رغم انني لازلت في الثامنة والعشرين من عمري!

ربما اقول لنفسي كل هذا لأساعد نفسي على التخلص من هذا الثقل، أو أكتب كل هذا لأنحي هذا العبء جانبا، وغدا سأنسى ما كتبت أو ما شعرت، لأعاود الكرة من جديد.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق