أي دارس للعلوم السياسية او مهتم بها يعلم أن للفساد شقين الفاسد والمفسد ، والفاسد هو الفاعل الرئيسي مهما كانت ضغوط ومغريات المفسد، وهو يعتبر فاسدا حين يستغل سلطة ما في يده للتربح او لتفضيل شخص عن اخر لاسباب غير قانونية ودون فرص متكافئة للجميع ،فحين نقول مبارك أفسد الحياة السياسية باعتباره قد فرض نظاما فاسدا لتسيير امور الدولة نقصد انه كان يعتمد في تصعيد اشخاص معينة في الساحة السياسية والاقتصادية على ما يقدمون له ولأسرته وحاشيته من إتاوة او مزايا أو خدمات الى جانب إدخال العائلة المالكة في كل أمور الدولة فكانت السياسة من اختصاص جمال والبزنس والاقتصاد من اختصاص علاء والثقافة وحقوق المرأة من اختصاص الهانم. فتحولت الدولة كقطع من الشطرنج يحركونها كيفما يشاؤوا واحيانا وفق اهواءا تتعلق بفلان غلس أو فلانة كانت بتعاكس الواد وهكذا.....المهم بسهولة استفحلت قوة الفساد واستشرت على مستويات القيادات الكبيرة فالمتوسطة وحتى الصغيرة بجميع المؤسسات، ولم تعد عملا مشينا بل تحولت الى نظام معلن للدولة. ففلان ابن فلان او جار فلان او قريبه له افضلية عن غيره في تحقيق مصالحه، وحين اصبح الامر كذلك...وهو الغريب اصبح من المعتاد ان يطالب المفسد في حقه المكتسب بأن يكون لديه أفضلية على غيره من المواطنين فاكتسب هو الاخر جزءا كبيرة من البجاحة في هذا الطلب، بل ويصل الامر في بعض الاحيان ان يتهم الاشخاص ذوي الذمم النظيفة بالفساد لرفضهم تفضيل اشخاصا على غيرهم...هذا الأمر في غاية الخطورة... معاقبة الفاسدين أمر مفروغ منه وبأقصى عقوبة، لكن ايضا على المفسدين أن يعاقبوا مجتمعيا.....
بعد الثورة اصبح الأمر أكثر تعقيدا فبات من السهل جدا في ظل عبث خلط المفاهيم وقلب بعض الموازين وحساب معادلات منقوصة وعدم فهم او تجاهل الاصل في الاشياء ان يدعي اي شخص انه ضحية الفساد بينما هو في الحقيقة مفسد، مثلما اصبح من السهل ان يدعي اي فل انه مع الثورة بمفهومه الخاص ،أو ان يدعي أي شخص أن فلان خاين وعميل أو متخاذل ، او يدعي اخر ان ما يقوله او يكتبه من تحليلات سياسية هبطت نتيجة قدرة خزعبلية مفاجئة بعد الثورة انه مفكر سياسي المعي ويمتلك حل كل الألغاز ...ليس كل ما يلمع ذهبا. ولاي جريمة ثلاثة اركان القاتل والقتيل وملابسات القتل...وعلينا جميعا التأني في الحكم على الاشياء حتى لا نظلم مظلوما ونناصر ظالما فلقد اصبح هذا الامر واحدا من أهم افات الثورة، والتي كي تنتصر على اسس صحيحة علينا التمسك بالاصل في الاشياء ، علينا الوقوف في جانب الحق بعد التيقن ، هناك حقوق واضحة لا لبس فيها كالحق في الحياة والكرامة والعدالة الاجتماعية وهناك مواقف علينا ان نتخذ فيها موقفا سريعا يليق بحجم الحدث وإلا كنا متخاذلين ولكنني هنا اتحدث عن القضايا الملتبسة وهي كثيرة.....فقط بعض التأمل والتفكير يفيد ولا يضر..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق