السبت، 3 مارس 2012

عن سطحية وتفاهة النظام في التعامل مع قضية النوبيين

ذهبت يوم الخميس الماضي الى معرض لمشغولات وتراث أهالي النوبة في الاوبرا والذي حضره وزير الثقافة الجديد شاكر عبد الحميد ومعه حاشية كبيرة من معاونيه، وكعادة الأماكن الحكومية وثقافة النفاق قام المنظمون للمعرض الذي يستمر عدة ايام بالالتفاف حول الوزير وحولهم صحفيو الجرائد القومية ليمنعوا الجمهور من التجول حتى يفتتح الوزير المعرض وليقوموا بتصويره متحدثا ومتباسطا وممسكا بمشغولات المشاركين بالمعرض!!! ولكنه نسي ان جزءا هاما من التباسط هو أنه طالما قرر النزول وسط الجماهير فعليه ان يصبح واحدا منهم او ان يكون الافتتاح خاص به وحده دون جمهور، على اي حال انا لا انوي في هذه التدوينة تناول امتعاضي من الوزير ومن هذه الثقافة..انا ارغب في التحدث عن احساس مقبض انتابني وانا بالمعرض...

في البدء علي ان اصف المعرض والذي يتنوع بين مشغولات يدوية ومنحوتات ولوحات تشكيلية ، واغلب المشاركين فيه من الفتيات الشابات النوبيات وبعض من النساء وقليل من الرجال. وعلي ان اعترف ان هؤلاء الفتيات الجميلات للغاية كانوا افضل ما بالمعرض لحماسهم ولطفهم الشديد ورغبتهم في ان يتعرف الناس على ثقافتهم وعلى لغتهم التي كانت معلقة على لوحات على بعض الحوائط، ومن هنا نذهب الى صلب المشكلة، فبين الحين والاخر تقوم الدولة بتنظيم مثل تلك المعارض تارة لأهالي البدو وأخرى لأهالي النوبة، وهنا علي التوقف والسؤال، هل يتصور ذلك النظام المركزي والطبقي الذي يحكمنا منذ 52 انه بتنظيم معارض للفئات المهمشة والتي اهدرت حقوقهم ولا تزال سوف يغفر لهم ما تقدم من ذنب وما تأخر؟؟؟ هل ابناء البدو يحتاجون الى بضعة جنيهات بعرض تراثهم وهم لا يجدون من الدولة اي خدمات ؟ وهل ابناء النوبة يعوضهم خسارتهم لأراضيهم ومعيشتهم الفقيرة بعض الاستعراض السطحي والتافه لحضارتهم الممتدة من عصر الفراعنة؟

الاجابة بالطبع هي لا.. أين قضية النوبة من الثورة التي تنادي بالعدالة ؟كيف يرحب بمشغولاتهم اليدوية لل"منظرة" وتقمع مظاهراتهم المطالبة بأرض بيعت لرجال الأعمال وهي موطنهم الأصلي؟ وقبلها استولت عليها الدولة في مشروع قومي ولم تعطهم اي تعويض؟كيف لا يدرس تاريخ هذه الحضارة للتلاميذ؟ وكيف لا يسمح بتدريس لغتهم في مدارسهم مع الحفاظ على اللغة العربية كلغة اساسية؟؟ كيف يتم قهر البشر بهذه الصورة وهدر حقوقهم ثم التباجح بمعارض هدفها من النظام هو الاستعراض

الثورة نادت بعيش حرية عدالة اجتماعية ولن تتحقق هذه الشعارات الا بالتساوي وضمان الحد الكريم لحياة كل المواطنين وهنا المعادلة لا يمكن ان تقتصر على الفقراء والاغنياء بل على المهمشين والمضهدين من النظام باشكال ودرجات مختلفة بدءا من مسيحيي هذا الوطن مرورا بابناء البدو والنوبة وابناء القرى والنجوع بالدلتا والصعيد وحتى القبائل التي تعيش في صحراء مصر

الثورة مستمرة وستنتصر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق