الثلاثاء، 7 فبراير 2012

انه الاحساس بالذنب مع العبث ويا الاصرار

احساس بالذنب مرعب ينتابني منذ اليوم الاول في الثورة لا اعلم سببه بدقة، له علاقة بحجم القهر والالم والفقدان والحزن المتواصل الذي لا يفارقنا والذي نتعرض له فيمن حولنا من اشخاص ربما عرفناهم جيدا وربما فقط قبل خمس دقائق من اصابتهم او موتهم او حتى خسارتهم لحلمهم واملهم البسيط في مستقبل افضل نتيجة لاحباطات متكررة نقاومها جميعا بصعوبة....احساس بالذنب مؤلم حين لا اتمكن من المشاركة في اي حدث في مواجهة ذلك الشيطان الرجيم الذي يحكمنا من مسيرات او اعتصامات او مظاهرات او حتى مواساة لاهالي الشهداء والمصابين على الرغم من اني احاول التواجد قدر الامكان...احساس بالذنب حين اقف في الصفوف الخلفية من المواجهات الدموية التي نتعرض لها ولا استطيع التقدم بجوار ابطال ساحة المعركة في الصفوف الامامية والذين يواجهون الموت على ايدي نظام غاشم قاتل وكاذب لا يقدر قيمة الحياة...اشعر بالذنب حين استغرق في العمل او افكر في السفر للتنزه ليومان او افكر في رسالة الماجستير التي علي ان استكملها او افكر في حياتي الشخصية وعلاقتي العاطفية ..اشعر بالذنب حين اذهب الى منزلي في المساء تاركة العديد من الثوار في ذلك البرد القارس....واكثر من احساسي بالذنب احساسي بالمسئولية مسئوليتي تجاه من فقدوا حياتهم وكأن بامكاني ان اعيدهم الى الحياة.. وتجاه ذويهم وانا اري قلوبهم تنفطر على اطفالهم الصغار .. نعم فجميعهم صغار ..جميعنا صغار


***

يواجه احساسي بالذنب ذلك العبث الذي يحيط بنا بدءا من انك تجد من قاموا بمهاجمتنا وتخويننا في بداية الثورة يتغنون بالثورة والثوار ، فاصبح ستيكر ثورة 25 يناير في كل مكان ثم يعودوا هم انفسهم بتخويننا مرة اخرى والهجوم علينا نحن انفسنا الثوار الذين تغنوا بهم لاننا ايضا نخرب كما فعلنا في السابق!!!كثيرون فعلوا ذلك حزب الكنبة ومن يسمون انفسهم ابناء مبارك ثم بعد ذلك اصبحوا ابناء العسكري، الاعلام الرسمي المضلل بقنواته وصحفه، المجلس العسكري بحكوماته ووزرائه وحاشيته !!!
اما مناصرين الثورة الذين يدعمون الثورة دائما والذين خرجوا الى الشوارع بعد استشهاد خالد سعيد فلا يمكنك ابدا تحديد متى يجددون الدعم ومتى يختفون على الرغم من تساقط الشهيد تلو الاخر !!!
من مظاهر العبث ايضا ذلك الكيان الاخرق المسمى بالاخوان المسلمين الذي شارك بالثورة حين تيقن من نجاحها ثم بدأ فور اتجاره بذلك ان يخون الجميع ممن مهدوا فعليا لهذه الثورة منذ سنوات مضت، ثم عاد لمنافقته للنظام الجديد القديم بالظبط كما كان يفعل دائما ،وحين فاز في الانتخابات البرلمانية احترمنا ذلك جدا بل وطالبناه بتسلم السلطة لانهاء امتداد النظام القمعي القاتل الممثل في المجلس العسكري فرفض بل ومنع الثوار من تسليم مطالبهم للبرلمان الذي قاموا بانتخابه واتهمهم بالبلطجة والخيانة!! وتعامل مع المجلس العسكري كأنه ابوه الروحي فكانت النتيجة مجلس شعب بمثابة مسرحية للكوميديا الفارس تبكيك من شدة الاسفاف والتناقض والكذب ومسح الجوخ والنفاق الا قليلا من اعضاءه الصادقين و الثوريين !!!!
واخيرا البطل الرئيسي في مشهد العبث هذا المجلس العسكري والذي يساعده في بطولته من يصدق اكاذيبه وتضليله المتواصل فلا اعلم كيف يكرم ويحيي شهداء قتلتهم الداخلية قبل عام ليقتل هو مثلهم او اضعافهم ثم يخرج علينا ليقول انهم بلطجية لكنه يخرج مرة اخرى ويقول انه سيقوم بتكريمهم وتعويض ذويهم باعتبارهم شهداء ومعهم المصابون فيصدقه الناس !!!يعلن انه مع الثورة فيصدقه الناس متجاهلين جرائمه التي لا تمت للثورة بصلة !!يؤكد انه سيقوم بترك السلطة بعد ستة اشهر فنصدقه جميعا فيماطل حتى العامين فيظل البعض يصدقه..نعم انه العبث وما ذكرته ما هو الا قليل جدا من نماذجه!!!
اعلم جيدا ان وراء كل ذلك العبث الذي يتقدم الصورة من بطلي المشهد المجلس العسكري والاخوان نهم للسلطة والاستبداد والحفاظ على شبكات معقدة جدا من المصالح الاقتصادية بالاساس والسياسية الفاسدة الى جانب النفوذ ..لكنني لا اصدق تصدير هذا الساتر من العبث الينا لاخفاء النوايا والحقائق المشينة!!!

***

اصبت كثيرا بالاحباط خلال ذلك العام وأكاد أزعم انه احباط اعمق مما كنت اصاب به في عهد المخلوع...واذكر نفسي مرارا وتكرارا انني لا امتلك رفاهية الاحباط..افشل احيانا وانجح بصعوبة غالبا ..ولكن حين افشل تأتيني الاجابة من الاصدقاء والغرباء حين اراهم مصرين على استكمال الطريق ، فيعود لي احساسي بالذنب بانه لا يجوز لي ان اشعر بالانكسار او الاحباط وسط هذه الطاقة المتفائلة، من سائق تاكسي مع استمرار الثورة او سيدة عجوز تهتف في مسيرة يسقط يسقط حكم العسكر او اطفال صغار من حقهم ان يشموا هواء الحرية الذي حرمنا منه طوال حياتنا ونحاول انتزاعه وربما شباب صغير يغني للشيخ امام يا مصر قومي وشدي الحيل..واحيانا يغلب عندي ذلك الانكسار، فلقد دعمني ذلك العند طوال حياتي العملية والشخصية حين كنت على حق وانا لدي اليقين والايمان بحقنا في الحرية بحقنا في الحياة..الانسان لا يملك سوى حياة واحدة لا تعوض ، فعليه ان يعيشها اولا ثم يعيشها وهو مرفوع الرأس غير خانع ولا مذلول غير مهان غير جائع او مشرد غير منكسر او مسجون غير مضطهد..هي حياة واحدة يا الله فكيف يتنازل عنها البعض دون ادنى مقاومة بينما يختار الاخرون الموت كي يظلوا وغيرهم احرارا غير مهزومين ..نعم لدينا قوة الحق السلاح الوحيد الذي نملكه في هذا العبث وهذا الالم ووسط دماء الحرية التي لم تفارق رائحتها انوفنا ولم تفارق اثارها طرقات احياءنا ومدننا ولم ولن يفارقنا احساسنا بالمسئولية تجاه تحقيق ما فقد هؤلاء حياتهم في بدايتها من اجله.. اصرارنا فقط في مواجهة هذا الظلم البالغ..لقد خسر اغلبنا حياته الخاصة وخسر كثير منا حياته بالكامل وخسر بعضنا عينا او اثنان واصيب اخرون اصابات بالغة ولكننا مستمرون ..على الدرب سائرون

يا نظام غبي افهم بقى مطلبي
حرية حرية حرية حرية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق